مـــــــقـــــــدمــــــــة
إن قدرة المعلم على إحداث تعلم فعال ، وتحقيق
النجاح الكامل في مهماته التعليمية الصفية ، يستند على مدى امتلاكه كفايات التواصل
، وقدرته على توظيف اللغة بأشكالها المختلفة اللفظية وغير اللفظية في غرفة الصف في
استثارة دافعية الطلاب للتعلم ، وزيادة اشتراكهم في النشاطات التعليمية ، وتعزيز تعلمهم
ومساعدتهم على الاحتفاظ به ، ونقله وتوظيفه .
ويشكل التفاعل بين المعلم والتلميذ الركيزة
الأساسية في الموقف التعليمي لأنه لا يؤدي فقط إلى تحقيق الأهداف التعليمية الخاصة
بالدرس ، بل يؤدي أيضاً إلى اكتساب التلميذ لأنماط ثقافية واجتماعية مختلفة سواء من
المعلم أو من التلاميذ الآخرين ، وذلك لكون التربية عملية اجتماعية .
وإن فهم المعلم نظرية التفاعل الصفي وتبينها
وإتقان إستراتيجيتها تمكنه من تحقيق الأهداف المتوقعة من العملية التربوية داخل المدرسة
.
وسأستعرض في هذه الورقة ماهية التفاعل الصفي
،وأهمية التفاعل الصفي،ووظائف التفاعل الصفي ،ومعوقات التفاعل الصفي ،دور المعلم في
التفاعل الصفي،مهارات الاتصال والتفاعل الصفي .
*ماهية التفاعل الصفي :
يشير التفاعل اللفظي في غرفة الصف إلى مجمل
الكلام والأقوال المتتابعة التي يتناولها المعلم والطلاب فيما بينهم في غرفة الصف ،
وإلى ما يرافق هذا الكلام من أفعال وإيماءات وتلميحات واستجابات ترتبط بالعملية التعليمية
ويقوم مفهوم التفاعل اللفظي على فكرة التبادل الفعال للكلام في إطار عمليتي التعليم
والتعلم الذي يستهدف أحداث تغييرات دائمة مرغوب فيها في سلوك المتعلمين يتصل بالأهداف
التربوية والتعليمية المخططة لموضوعات المنهاج . ( أبو نمرة ، 2001 ، ص71 ) .
“ وهو كل ما يصدر عن المعلم والتلاميذ داخل
حجرة الدراسة من كلام وأفعال وحركات وإشارات وغيرها ، يهدف التواصل لتبادل الأفكار
والمشاعر . ( إبراهيم ،وحسب الله ، 2002 ، ص39 ) .
” مجموعة الأداءات التدريسية التي تحدث
داخل الصف الدراسي بين المعلم وتلاميذه بهدف إثارة دافعية التلاميذ نحو الدرس ورفع
كفاءة العملية التدريسية التي يمكن ملاحظتها وتسجيلها وتحليلها .
( إبراهيم ،وحسب الله، 2002 ، ص77 ) .
أهمية التفاعل الصفي
1- يساعد المعلم على تطوير طريقته في التدريس
، عن طريق إمداده بمعلومات حول كل من سلوكه التدريسي داخل الفصل ، ومعايير السلوك المرغوب
فيه .
2- يزيد من حيوية التلاميذ في الموقف التعليمي
، إذ يعمل على تحريرهم من حالة الصمت والسلبية والإنسحابية إلى حالة المناقشة وتبادل
وجهة النظر حول أي موضوع أو قضية .
3- يساعد على اكتساب التلاميذ اتجاهات إيجابية
نحو المعلم ونحو المادة الدراسية ، بل ونحو زملائهم ، حيث ينمي لديهم مهارات الاستماع
والتعبير والمناقشة ، وذلك بما يوفره المعلم لتلاميذه من أمن وعدالة ديمقراطية .
4- يرفع من مستوى تحصيل التلاميذ ويقوي
تعلمهم من خلال قيامهم بشرح بعض النقاط للتلاميذ الأقل قدرة منهم .
5- تغيير دور المعلم من ملقن والطالب متلق
و مستجيب لا حول له ولا قوة ، إلى كونهما قطبي العملية التعليمية .
6- تربية الطلبة على كيفية التخاطب والحديث
والإصغاء والإقناع وعدم المقاطعة ، وتقدير مواقف الآخرين وخبراتهم ومشاعرهم المختلفة
في وجهات النظر .(ابراهيم ،حسب الله،2002م،ص40)
وظائف التفاعل الصفي
إن استخدام التفاعل اللفظي استخداماً فاعلاً
في غرفة الصف ، يمكن أن يؤدي وظائف تعليمية وتربوية فاعلة ، وتتمثل هذه الوظائف في
:-
1- الإعلام : يتمثل في إعطاء المعلومات
والأفكار والحقائق من خلال الإلقاء والمحاضرة .
2- التوجيه والإرشاد : يتم من خلال إصدار
التعليمات والتوجيهات واستخدام النقد البناء ومن خلال توفير المناخ النفسي الإيجابي
المشجع على التعلم بالثناء وتقبل المشاعر ، والتزويد بالتغذية الراجعة الهادفة .
3- التهذيب : وذلك من خلال التعليمات والنقد
واستخدام المعايير العامة في رفض السلوك أو تقبله وفي رفض المشاعر وتقبلها .
4- الحفز واستثارة دافعية الطلاب للتعليم
: وذلك من خلال توضيح الأهداف والتعزيز وامتداح سلوك الطلاب المرغوب فيه ، وتقبل أقوالهم
وأفعالهم ومشاعرهم بتفهم وموضوعية .
5- تنظيم التعلم واستثارة التفكير : وذلك
من خلال حسن توظيف الأسئلة بأنواعها المختلفة التجميعية والمتمايزة .
6- التقويم : أي إصدار الأحكام على سلوك
الطلاب ( أقوالهم وأفعالهم ) التعليمي من خلال الأداء الصفي .
7- التخطيط : ويتم ذلك عن طريق إطلاع الطلاب
على الخطة الدراسية وطلب رأيهم في عناصرها من بداية الدرس ، كما يمكن أن يتم ذلك عن
طريق مناقشة الطلاب في آرائهم واقتراحاتهم حول ما يريدون أن يتعلموا وحول أفضل الوسائل
لتعلم ذلك .
*معوقات التواصل التفاعل في حجرة الدراسة
توجد عوامل تعوق عملية التواصل والتفاعل
في حجرة الدراسة ومن أهم هذه العوامل :-
1- الضوضاء الداخلية :- مثل
§ همس التلاميذ في أذان البعض
§ أفكار التلاميذ والمدرس ومشاعرهم
§ الضغوط التي يتعرض لها المعلم والتلاميذ
في البيت تنعكس على ردود أفعالهم .
2- الضوضاء الخارجية :- مثل
. درس التربية الرياضية في الملعب خارج
نوافذ حجرة الدراسة .
. التلاميذ الذين يجرون في الردهة
. سيارات النقل المارة
. تدريبات الفرقة الموسيقية
. حجرات الدراسة ذات الألوان الفاقعة
. درجات الحرارة الباردة
. الحجرات المكتظة
. الروائح الكريهة .
دور المعلم في التفاعل الصفي
تمثل عملية التعليم عملية تواصل وتفاعل
دائم ومتبادل ومتميز بين المعلم وتلاميذه أنفسهم ، ونظراً لأهمية التفاعل الصفي في
عملية التعلم فقد احتل هذا الموضوع مركزاً هاماً في مجال الدراسة والبحث التربوي .
وقد أكدت نتائج الدراسات على ضرورة إتقان
المعلم مهارات التواصل والتفاعل الصفي ، والمعلم الذي لا يتقن هذه المهارات يصعب عليه
النجاح في مهماته التعليمية . وأن نشاطات المعلم في غرفة الصف هي نشاطات لفظية وصنفت
إلى أنماط كلامية يستخدمها المعلم لإثارة اهتمام التلاميذ للتعلم وتوجيه سلوك الطلاب
وتوصيل المعلومات لهم .
- وهذه التصنيفات هي :-
1- كلام المعلم
2- كلام التلميذ
*وصنف كلام المعلم إلى :
1- كلام مباشر
2- كلام غير مباشر
أ- كلام المعلم المباشر
ويأخذ كلام المعلم المباشر أنماطاً مختلفة
فهو :-
1- يحاضر ويشرح : ويتضمن هذا النمط الكلامي
قيام المعلم بشرح المعلومات أو إعطائها ، فالمعلم هنا يتكلم والتلاميذ يستمعون ، وبالتالي
فإن تفاعلهم يتوقف عند استقبال الحقائق والآراء والمعلومات.
2- ينتقد ويعطي توجيهات : ويتضمن هذا النمط
قيام المعلم بإصدار الانتقادات أو التوجيهات التي يكون القصد منها تعديل سلوك المتعلمين
، وبالتالي فإن المعلم يصدر التعليمات .
ب- كلام المعلم غير المباشر
ويأخذ كلام المعلم ذو الأثر غير المباشر
الأنماط الكلامية التالية :
1- يتقبل المشاعر : وذلك حين يتقبل المعلم
مشاعر التلاميذ ويوضحها لهم دون إحراج ، سواء أكانت مشاعر إيجابية أم سلبية ، فلا يهزأ
المعلم بمشاعر التلاميذ وإنما يتقبلها ويقوم بتوجيهها .
2- يتقبل أفكار التلاميذ ويشجعها : يستخدم
أنماط كلامية من شأنها أن تؤدي إلى توضيح أفكار التلاميذ وتسهم في تطويرها .
3- يطرح أسئلة على التلاميذ : وغالباً ما
تكون هذه الأسئلة من نمط الأسئلة التي يمكن التنبؤ بإجابتها . وبالتالي يطلق عليها
الأسئلة الضيقة أي محدودة الإجابة ولا تتطلب استخدام مهارات التفكير العليا .
4- يطرح أسئلة عريضة : وهي تلك الأسئلة
التي تتطلب الإجابة عنها باستخدام مهارات تفكيرية مختلفة كالتحليل والتركيب والتي يعبر
فيها التلاميذ عن أفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم الشخصية .
3- أما بالنسبة لكلام التلاميذ فيأخذ الأشكال
التالية :-
أ- استجابات التلاميذ المباشرة :
ويقصد بها تلك الأنماط الكلامية التي تظهر
على شكل استجابة لأسئلة المعلم الصفية واستجاباتهم السلبية واستجاباتهم الجماعية .
ب- استجابات التلاميذ غير المباشرة :
ويقصد بها تلك الأنماط الكلامية التي تأخذ
شكل التعبير عن أرائهم وأفكارهم وأحكامهم ومشاعرهم واتجاهاتهم .
ج- مشاركة التلاميذ التلقائية :
حيث يكون كلام التلاميذ في هذا الشكل صادراً
عنهم ويكون في ذلك الأسئلة أو الاستفسارات التي تصدر عن التلاميذ لمعلمهم ، أي أنهم
يأخذون زمام المبادرة في الكلام .
مهارات الاتصال والتفاعل الصفي
1- مهارة الإصغاء للتلاميذ
أ- استخدام لغة الجسم لإظهار الاهتمام وتشجيع التلميذ على الاستمرار .
ب_ الاتصال بالنظر عند مخاطبة التلميذ .
ج- مواجهة الطالب أثناء حديثه لإظهار اهتمامك بالاستماع إليه .
د-الإيماء بالرأس .
2 - تقبل مشاعر وأفكار التلاميذ.
وهي القدرة على الاستجابة للطلاب بتعاطف . وهذه المهارة تظهر لأنك تقبل
وجهة نظر الطالب، و تأخذ وجهة نظره ومشاعره بعين الاعتبار ،ولديك رغبة في توضيحها وبحثها.
3- مهارة طرح الأسئلة
وتعني القدرة على طرح عدد كبير من الأسئلة الواضحة المحددة ، في زمن مناسب
.
وينبغي على المعلم مراعاة ما يلي:
أ - أن يكون السؤال واضحا لتجنب إعادة صياغته طرح السؤال على الجميع ثم اختيار
الطالب المجيب
ب - تجنب الأسئلة الموحية بالإجابة
إلا في حدود الحاجة إليها .
ج - إعطاء التلاميذ الوقت الكافي للتفكير
في السؤال المطروح قبل اختيار الطالب المجيب
د - استخدام الأسئلة السابرة والمتنوعة ( تذكر ، تطبيق ، تقويم ) .
هـ
- احترام أسئلة التلاميذ وعدم رفضها .
4- التشجيع والتعزيز
ويتضمن ذلك عبارات الثناء والتشجيع التي
يستخدمها المعلم والتي تثير حماس التلميذ وتشجعه على الاستمرار في المشاركة.
الخاتمة :
التفاعل في حجرات الدراسة أكثر من أن يكون
مجرد تبادل وانتقال للمعلومات من المدرسين الذين يعرضون المحتوى للتلاميذ الذين يستمعون
ويتعلمون ، بل قيم المعلمين والتلاميذ واتجاهاتهم وادراكاتهم متضمنة هذا التفاعل .
كما أن على المعلمون أن يلتفتوا إلى التفاوت بين الطلاب ولو كانوا في عمر زمني واحد
تقريباً ، فإنهم لا يتماثلون انفعالياً واجتماعياً وسيكولوجياً والمعلمون مسئولون عن
التواصل في حجرة الدراسة ، لذلك يتوقع منهم التخطيط والتنظيم للبيئة الصفية والتواصل
مع التلاميذ بطرق مختلفة تحقق ما يريدونه أن يحدث ويتحقق ، والمدرسون كمتخذي قرارات
ينبغي أن يلتفتوا إلى كثير من القضايا : ما الأنشطة التي يتابعونها ؟ كيف يعرضون المادة
؟ من الذي يجيب عن الأسئلة ؟ ما هي معايير السلوك المقبولة ؟ ومتى يكون الثناء مناسباً
؟ ومقدار الواجب المنزلي ؟ وهذه القرارات ينبغي أن تتابع بالتواصل الضروري مع الطلاب
، وفي التفاعلات ذات الإيقاع السريع التي تمثل التواصل الصفي، ينبغي أن يحقق المدرسون
توازناً بين المسئوليات التعليمية و الإدارة والتشجيع والنصح والتوجيه و الاهتمام . إن الحفاظ على هذا التوازن و بالتفاعل
المستمر يجعل التدريس منتجاً و متحدياً لتفكير التلاميذ و إمكانياتهم .
اعداد : علي أحمد علي أحمد آل عضاهن